الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

هل تزول العربية؟!


تاريخ النشر: الأربعاء 22 سبتمبر 2010
إسماعيل ديب
ما يحزّ في النفس أن يسمع المرء من أبناء اللغة العربية، ما يبعث على الأسى والأسف، ويدعونا ذلك إلى التساؤل عن دوافع هؤلاء من الهجوم على العربية واتهامها بالعقم والتقوقع والجمود والرجعية، بل الأكثر من ذلك بالحكم عليها بالزوال قريباً!
كنت أقلّب القنوات الفضائية بحثاً عن أي برنامج، ولو حتى تافه، فقط بغرض الابتعاد عن نشرات الأخبار والكوارث التي صارت ملازمة لها، والتي سببت لي اكتئاباً داخلياً، نظراً لحجم الكوارث الإنسانية المتلاحقة التي تحدث من فعل الإنسان من حروب وجرائم، والكوارث الطبيعية التي لا حول للإنسان ولا قوة حيالها، ونظراً لقلة حيلتي، وضعف قوتي عن المساهمة في مد يد المساعدة، تنتابني كثيراً حالات حزن واكتئاب، وأكثر ما يشعر الإنسان بالاكتئاب هو الإحساس بالعجز عن تقديم العون. وقد ساقني قدري “والحمد لله” لأن أتوقف عند برنامج على فضائية عربية يبحث في واقع ومستقبل اللغة العربية، التي تتعرض لكوارث حقيقية من زلازل وأعاصير الطمس والتشويه والتحريف والتنحيف والتجفيف والتغريب والترهيب.
قال أحد ضيوف البرنامج، وهو شاعر يكتب بالفصحى! إنّ اللغة العربية قد أصبحت عاجزة عن استيعاب مفردات التطور التكنولوجي، وهي اليوم هزيلة بعيدة عن أبنائها وحياتهم العملية وهمومهم، ومهجورة من أبنائها أنفسهم لعدم حيويتها ولجمودها وتقعرها، وهي اليوم في أحسن الأحوال من التراث والماضي!
رأي يحتاج إلى تناول علبة أقراص مهدئة، كي يستطيع المرء استيعاب هكذا تفكير من ابن للعربية للرد بكل عقلانية وحكمة ومنطقية.
الضيف الشاعر الذي يتنبأ بالزوال للعربية، رد على نفسه، من حيث لا يدري، فقد قال إنه يكتب الشعر بالعربية الفصحى، ولولا أنها لغة صالحة للتداول لما كتب بها أخونا الكريم!
ثم إن العربية سايرت التطور منذ نشوئها والدلائل كثيرة، أليست في العربية، ألفاظ معرّبة، أصلها أعجمي، وهي في كتاب العربية الأول المعجز، القرآن الكريم ذاته، وإذا كانت الضاد متقوقعة على ذاتها فلماذا أخذت من غيرها، أليس ذلك انفتاحاً على الآخر؟!
إن كان هناك قصور في مسايرة العربية للتطور الحداثي فليس ذلك بسبب قصور في اللغة ذاتها، إنما هو بسبب عجز أبنائها جميعاً، من لغويين “مجامع اللغة” ومعلمين للغة العربية والعلوم المختلفة، أطباء ومهندسين، وغيرهم، عن الفهم الصحيح للغتهم وعدم قدرتهم على تطويرها، فهي صالحة لكل الأزمان، وقابلة للتطور، وبسبب حيويتها وصلاحيتها الدائمة لكل العصور، تكفل الله بحفظها، في كتابه العزيز، وهي التي خاطب بها عباده على اختلاف لغاتهم، على امتداد العالم، ففهمها أبناؤها على اختلاف لهجاتهم، وغيرهم من الشعوب الأخرى أصحاب اللغات الأخرى ، فتألّفت قلوبهم جميعاً على كلام بلغة أعجزت، فصحاء اللغة ذاتهم في قدرتها على التأثير والتغيير.
عبدالله البردوني:
إن في وحدة العـروبة مجداً خــالداً ثـائـراً عـلى كـل ثــائـر
إنّما العـرب أمـّة وحّــدتهـا لغــة الضـاد والدمـا والعناصر
إنّما العرب أمّة هزّت الدنيا وشقّت سود الخطوب العواكر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق