الأحد، 8 أبريل 2012

أندونيسيا.. تعاليم الدين البسيطة حببت أهلها في الإسلام

عمان – الدستور
وصل العرب المسلمون إلى أندونيسيا منذ وقت مبكر على جناح التجارة واستوطنوا هناك. وبعد القرن السابع الميلادي، تحولوا إلى دعاة للإسلام الحنيف الذي وجد فيه الأندونيسيون حلولاً شافية لما يعانونه من تمزق ديني وظلم اجتماعي. وهذا يفسر لنا الإقبال المنقطع النظير الذي حظي به الإسلام.

حيث يشكل المسلمون نسبة 87% من عدد سكان اندونيسيا البالغ عددهم حوالي 96 مليون. والباقي أي نسبة 13% أديان اخرى.

ويعتبر الدين الإسلامي هو أكثر الاديان انتشاراً في اندونيسيا، حيث انتشر الاسلام عن طريق التجار المسلمين من الهند واليمن وحضرموت الذين كانوا يقيمون في جزر أندونيسيا فترات طويلة ويتزوجون من نسائها، ويختلطون بسكانها، ويأخذون عنهم بعض التقاليد والعادات، وتأثر اولئك السكان بوضوح العقيدة الاسلامية وبساطتها بما فيها من المساواة بين المؤمنين كما تأثروا بتفوق المسلمين في المدنية، وبإقبالهم على مؤاخاة أهل البلاد، وببعدهم عن الغايات الاستعمارية، فكان ذلك كله سبباً في انتشار العقيدة الاسلامية بينهم دون أن يقوم الخلفاء والسلاطين في الامبراطورية الاسلامية بأي عمل ايجابي في هذا الصدد.. وأنّ أول منطقة دخلها الاسلام هي سواحل سومطرة، وأنه بعد تكوين المجتمع الاسلامي كان الملك المسلم الأول في أجيه.
وقد ظلت بعض القبائل البدائية في قلب الجزر الاندونيسية باقية على الوثنية ولم ينتشر الاسلام بين افرادها الاّ منذ القرن الثامن عشر، ولكن الفترة الواقعة بين القرنين الثالث عشر والثامن عشر كانت زاخرة بالفتوح السلمية التي استطاع الاسلام بفضلها أن يسود الحياة الدينية والاجتماعية والعقلية في اندونيسيا.

واكثر الجزر الاندونيسية ازدحاما بالسكان اذ تضم اكثر من 65 % من مجموع سكان البلاد وتعتبر بلادهم خامس دول العالم من حيث عدد السكان بعد الصين والهند والاتحاد السو فيتي والولايات المتحدة.

ويبلغ عدد المساجد الكبيرة في اندونيسيا وحدها نحو من 100,000 مسجد . في حين يبلغ عدد المساجد الصغيرة حوالي نصف مليون مسجد، تؤدى فيها الصلوات الخمس وتدرس فيها العلوم الاسلامية وتحفيظ القرآن الكريم .
 
دخول الإسلام
انتقل الاسلام الى اندونيسيا من خلال التجار العرب الذين زاد نشاطهم وخاصة تجار عمان وحضرموت واليمن وبعث الاسلام روحا جديدة وحضارة راقية لدى سكان هذه الجزر. وهناك من المؤرخين من يرى ان الاسلام وصل الى اندونيسيا بعد توقف موجات الفتوحات الاسلامية في العصر العباسي. حيث انتشر المسلمون الى التجارة ونشر العلوم الاسلامية. واتجهت السفن من سواحل الجزيرة العربية الى المشرق ومعها العلماء والدعاة الذين وهبوا أنفسهم للدعوة الاسلامية.

ونزل هؤلاء التجار أولاً في شواطئ سومطرة الشمالية الغربية، ومن ثم تسللوا إلى ثغور جاوة الشمالية وبقية الجزر الأخرى. ولقد أثبتوا نشاطاً اقتصادياً لا يبارى وقدرة على الاتجار لا تجارى حتى وصلت سفنهم إلى أربعين سفينة تجوب أرخبيل الملايو، وساعدهم على ذلك حسن معاملة الأندونيسيين لهم، مما شجعهم على استمرار تجاراتهم واستيطان بعضهم هناك. وكان لهؤلاء العرب النصيب الأوفر في نشر الإسلام لاحقاً.

وتذكر مصادر أخرى أن تجار اندونيسيا كانوا يحضرون الى بلاط الخليفة العباسي هارون الرشيد في القرن الثاني الهجري وعند عودتهم منها كانوا يحملون معهم العقيدة الاسلامية ونشرها بين مواطنيهم.

ونظرا لوضوح العقيدة الاسلامية في الامور الدينية والاخلاقية والاجتماعية بالاضافة الى بساطة تعاليم الاسلام في المساواة والعدل بين المسلمين فقد ادى ذلك الى اعتناق الكثيرين للاسلام عن قناعة وإيمان وعقيدة وحدث تزاوج بين العرب والنساء الاندونيسيات. وعنصر الملايو هو الذي دخل معظم الناس فيه الى الاسلام واكثريتهم يقيمون في جزيرة جاوة . ويتكلم السكان اكثر من ثلاثين لغة الا ان اللغة المالاوية هي الاكثر انتشارا ومع ذلك فإن الاندونيسيين يفضلون اللغة العربية ويتمنون تعلمها وانتشارها في بلادهم. 
 
ممالك إسلامية
أخذ الاسلام يتوسع الى ان اسس المسلمون في هذه البقاع مملكة (برلاك) التي تحدث عنها الرحالة الاوروبي ماركو بولو سنة 1292مـ في جزيرة سومطرة التي لم تخلوا هي الاخرى من جاليات إسلامية.

وشهدت (مملكة برلاك) نهضة إسلامية غامرة، حيث تأسست المساجد ومعاهد التعليم الإسلامي كما صكَّت النقود الإسلامية للمرة الأولى في إندونيسيا وكانت تحمل الكتابات العربية وقد استطاعت هذه المملكة أن تصدّ هجوم دولة (سري ويجايا) البوذية.

كما أسس المسلمون عدة ممالك اسلامية في جزر مختلفة في اندونيسيا واهمها (مالاقا) في الملايو. ومملكة (سومطرة) التي زارها الرحالة العربي ابن بطوطة في القرن الثامن الهجري. ومملكة (بنتن) في غرب جاوة أسسها السلطان حسن الدين في القرن التاسع الهجري. ومملكة (ديماك) في وسط جاوه اسسها السيد رمضان في القرن الثامن الهجري. ومملكة (مقارم) في شرق جاوه. ومملكة (بالمباج) في جنوب سومطرة. ومملكة (آتشيه) في شمال سومطرة التي يعتبرها البعض اول مملكة اسلامية.

وفي العام 388هـ قامت دولة إسلامية في (ياساي) التي دعمت علاقاتها بدولة (برلاك) الإسلامية وفي العام 601هـ قامت مملكة (أجيه) وقد توحدت هذه الممالك الإسلامية بقيادة السلطان) علي مغايت شاه(، وأطلق عليها اسم) مملكة دار السلام(، وذلك منذ العام 916هـ، وقد بلغت هذه الدولة الإسلامية قمة ازدهارها في عهد السلطان ) إسكندر مودا( حيث ازدهرت الدعوة الإسلامية، وتأسس هناك جيش قوي كما انتعشت مسيرة البحث العلمي الإسلامي والاقتصاد الإسلامي وأصبح لهذه المملكة علاقات دبلوماسية قوية مع دولة الخلافة الإسلامية العثمانية.

وتعرف اندونيسيا بالاولياء التسع وهم علماء ساهموا في نشر الدعوة الاسلامية وفي رقي باقي مناحي الحياة في تلك الجزر.

كما ظهر في جزيرة ) جاوا( مجموعة من العلماء عُرفوا في التاريخ الإندونيسي باسم (الأولياء التسعة) وقد كانوا دعاة وخبراء في الزراعة والاقتصاد وأبطال معارك واشتركوا في إدارة شؤون الدولة منهم الداعية (شريف هداية الله)، وهو الذي بنى مدينة (جاكرتا) العاصمة، بعد أن هزم المستعمر البرتغالي العام 1527م وقامت بعد ذلك ممالك إسلامية في إندونيسيا في (كاليمنتان) و(سولاوليسي)و(مالوكو)، وطُبقت الشريعة الإسلامية في هذه الممالك وكانت المعاهد والجامعات تدرس بها علوم الإسلام. 
عهد الخلفاء الراشدين
أول المناطق التي وصل اليها الاسلام في العام 55 الهجري (674) م في عهد الخلفاء الراشدين هي شواطي سومطرة الشمالية، واول مملكة اسلامية قامت في اندونيسيا وفي منطقة جنوب شرق اسيا كلها هي مملكة بيرلاك عام 840 ه(226 م) في شمال سومطرة، واول ملوكها هو السلطان علاء الدين سيد مو لانا عبد العزيز شاه. وبعد مملكة بيرلاك قامت عام 1205( 602 هـ ) مملكة أتشيه الاسلامية التي ترسخت علاقتها ببلاد العرب وتوطدت فيها احكام الشريعة الاسلامية. وكان اول ملوكها السلطان جيهان شاه الذي قدم الى سواحل اتشيه داعيا الى الاسلام واستطاع ان يدخل الكثيرين في هذا الدين، وتزوج أميرة من اهالي البلاد فرحبوا به ملكا عليهم وتلقب بلقب «سري بدوكا سلطان». وقد لقبت منطقة اتشيه بلقب (سلاملك مكة) اي الصالة الامامية لمكة.

ويدل على روعة الاسلام انتشاره في هذه البقاع النائية من قارة آسيا.
التاريخ : 30-03-2012
 
 المصدر